للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي البيان الكامل للقرآن، والقرآن هو الأصل، هو الدستور للإسلام، وأما السنة فهي المُبَيِّنة المُؤَصِّلة للقرآن: أي بلا تشبيه وإنما من باب التقريب: القرآن بالنسبة للنظم الأرضية كالدستور فيها، والسنة بالنسبة لهذه القوانين الأرضية كالقانون الموضِّح للدستور.

لذلك كان من المتفق عليه بين المسلمين قاطبةً: أنه لا يمكن فهم القرآن إلا ببيان الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا أمر مجمع عليه، لكن الشيء الذي اختلف المسلمون عليه واختلفت أثارهم من بعد ذلك هو أن كل الفرق الضالة القديمة لم ترفع رأسها إلى هذا القيد الثالث وهو: اتباع السلف الصالح، فخالفوا بذلك الآية التي ذكرتها آنفا مراراً وتكراراً، ثم خالفوا سبيل الله، لأن سبيل الله واحد وهو: ما جاء ذكره في الآية السابقة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣].

قلت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد زاد هذه الآية بيانا حينما روى عنه أحد أصحابه عليه السلام المشهورين بالفقه ألا وهو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه حيث قال: خط رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوما خطاً مستقيما على الأرض، ثم خطَّ حول هذا الخط خطوطاً قصيرة، ثم مد أصبعه الكريمة على الخط المستقيم وقرأ الآية السابقة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣].

قال عليه السلام وهو يمر بأصبعة على الخط المستقيم: «هذا صراط الله» ثم أشار على الخطوط القصيرة من حوله فقال: «وهذه طرق، وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه». إذن هذا الحديث أيضا يفسره حديث آخر، وهذا الحديث الآخر وحديث الخط يعتبر من الموضحات لآية سبيل المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>