أحاديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الأخرى بألفاظ تختلف عن لفظ الكل لكنها تؤيد معنى الكل المذكور في هذا الحديث وفي ما قبله، من ذلك مثلاً قوله عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» هذا أيضاً يعني تلك الكلية التي جاءت في الحديثين المذكورين آنفاً، لأنكم علمتم من آية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] أن الدين قد كمل، فمن أحدث في هذا الدين شيئاً ... يقول:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي: مردود على الذي أحدث تلك المحدثة لأن الدين كمل والحمد لله كما في آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣].
فإذاً كلما ذكرنا حديثاً ولو لم يكن فيه لفظ كل بدعة، لكنه يؤيد هذه الكلية كل التأييد، من ذلك مثلاً حديث الرهط الذين جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهم ثلاثة رجال فلم يجدوه فسألوا أهله عليه الصلاة والسلام عن عبادته، عن قيامه وصيامه وقربانه لنسائه، فذكرن ما يعلمن من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقلن: إنه عليه الصلاة والسلام يصوم ويفطر، ويقوم الليل وينام، ويتزوج النساء. فلما سمع الرهط كلام نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تقول أو يقول راوي الحديث وهو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: لما سمعوا ذلك تقالوها، أي: وجدوا عبادة الرسول قليلة. سبحان الله! رسول الله الذي قام حتى تفطرت وفي لفظ: تشققت قدماه، يقول هذا الرهط أن عبادة الرسول عليه السلام قليلة، لماذا؟ هنا الشاهد وهنا النكتة يا إخواننا فانتبهوا.
إنهم كانوا يتوهمون أن التقرب إلى الله تبارك وتعالى إنما يكون بالترهب أي: بأن ينذر المسلم نفسه لعبادة الله فقط ولا يهتم بشيء من أمور الدنيا، لا يهتم بشيء يتعلق بنسائه وأولاده، هكذا هم تصوروا. وهذا بلا شك تصور مخالف