للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإسلام الذي من أقواله عليه الصلاة والسلام: «لا رهبانية في الإسلام».

من أجل هذا التوهم الخاطئ وجدوا عبادة الرسول عليه السلام قليلة، ومن ذلك رجعوا إلى أنفسهم يقولون: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لسان حالهم يقول: لماذا لا يتمتع الرسول بنسائه؟ لماذا لا يتمتع النبي عليه السلام بنومه؟ لماذا لا يتمتع الرسول بطعامه وشرابه؟ إذاً هو كان يصوم ويفطر، ويقوم الليل وينام، ويتزوج النساء أي: يغتسل منهن.

هم تصوروه عليه السلام حسب تصورهم الخاطئ أنه قائم الليل كل الليل، أنه صائم الدهر كل الدهر وأنه لا يقرب النساء، كما قال بعض القدامى: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، فتصوروا الرسول عليه السلام أنه لا علاقة له بهذه الدنيا، ثم عادوا يعللون تلك القلة من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعلة لو أنهم صمموا عليها وأصروا عليها ولم يعودوا إلى سنته عليه السلام لضلوا ضلالاً بعيداً، لأنهم قالوا: ولماذا رسول الله يتعب نفسه فيصلي الليل كله ويصوم الدهر؟ ما في حاجة، الله غفر له وكما يقال في بعض البلاد: حط رجليه بالماء البارد واستراح.

هذا طعن في عبادة الرسول عليه السلام، وهو الذي جاء في صحيح البخاري من حديث جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومنهم المغيرة بن شعبة، قال: «قام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى تفطرت قدماه. قالوا: يا رسول الله! قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر» كأنهم يقولون له: ارفق بنفسك، اشفق عليها، لماذا تقوم هكذا حتى تشققت قدماه؟ فكان جوابه عليه السلام كما هو المفروض في سيد البشر وأفضل البشر وأكمل البشر قاطبة، قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً، أفلا أكون عبداً شكوراً».

إذاً رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما نسبه ذلك الرهط إلى الإقلال في العبادة كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>