فأقول: قوله عليه السلام: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» سنته أي: شريعة الله التي أنزلها الله على قلب محمد عليه السلام، وشريعة الله قد علمتم مما سبق من البيان أنها قد كملت والحمد لله بشهادة تلك الآية الصريحة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣] ما بعد الكمال إلا النقصان، أما الزيادة فلا مجال للزيادة في الدين أبداً.
قلت لكم:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» هل هناك مسلم مهما تصورناه عالماً, زاهداً، صالحاً أن يكون مثل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في العبادة؟ هذا مستحيل، لأنه لا مثله عليه الصلاة والسلام لا في علمه ولا في خلقه ولا في عبادته.
إذاً ما هو الشيء الذي يمكن أن نتصوره في بعض عباد الله الصالحين الذين يأتون في المرتبة في الصلاح والعبادة والتقرب إلى الله بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ سنقول: لا بد أن يكون هؤلاء دون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في العبادة كما قيل:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح
يعني حسب المسلم الصالح والعالم بشريعة الله عز وجل أن يتشبه برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وبالكاد أن يقترب من عبادته، بالكاد. أما أن يكون مثله فهذا أمر مستحيل.
إذاً رجعنا إلى حديث من تلك الأحاديث:«ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به» إذاً يا مسلمون! لقد أغلق باب التشريع وباب الاستحسان في الدين بأن الدين قد كمل نصاً في الآية ونصاً في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك قال تلك الكلمة العظيمة جداً:«فمن رغب عن سنتي فليس مني».
لنتأمل الآن لمن قال:«فمن رغب عن سنتي فليس مني»؟ لمن أراد أن يبتدع في الإسلام بدعة لا أصل لها، لأن هناك شبهة يقول بعضهم: إن البدعة الضلالة هي التي ليس لها أصل مطلقاً لا في الكتاب ولا في السنة.