للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن نأتي بقصة تلتقي في بعض جوانبها مع قصة الرهط، هذه القصة تتعلق بعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما. قال: «زوجني أبي بفتاة من قريش، فزار أبي زوجتي أو كنته فقال لها: كيف أنتِ وزوجكِ؟ قالت. وكانت مفاجأة بالنسبة لعمها عمرو بن العاص أبو زوجها. قالت: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً». أي: كأنهما لم يتزوجا، هو زوجه ليحصنه وهذا من واجب كل والد تجاه ولده.

ومن الطرائف أن عمرو بن العاص وابنه هذا عبد الله كان بينهما فقط من الفرق في السن خمسة عشر سنة، خمسة عشر سنة فقط، بمعنى: أن عمرو بن العاص تزوج وعمره خمسة عشر، ومن الصدف أو من الموافقات أو الاتفاقات الإلهية أنه زوج ابنه هذا وهو أيضاً ابن خمسة عشر سنة. النكتة من تحديد العمر أن تعرفوا كيف كان سلفنا الصالح، فتى في زهرة شبابه عمره خمسة عشر سنة يزوجه أبوه بفتاة من قريش وكأنه لم يتزوج، لماذا؟ لأنه كان قائم الليل صائم النهار، لأنه لما سألها عمرو بن العاص وقالت له: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً، إنه قائم الليل صائم النهار. كأنه يقول: ما لهذا من حاجة بالنساء والرجل زاهد متعبد، فغضب أبوه عمرو وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وشكى ابنه إليه، كأنه قال له: زوجت ابني وكأنه ما تزوج وقالت زوجته: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً.

يقول ابن عمرو: فإما لقيني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإما أرسل إلي، فقال: «يا عبد الله - هنا الشاهد - بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء، فقال: قد كان ذلك يا رسول الله. فقال له عليه الصلاة والسلام: إن لنفسك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولزورك - أي الذي يزورك - ولزورك عليك حقاً» ثم وضع له عليه الصلاة والسلام منهجاً يجمع به بين هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>