كتاب عرفته في هذا الموضوع ألا وهو كتاب:«الاعتصام» للإمام الشاطبي رحمه الله، فهذا كتاب مختص في هذا الموضوع لا مثل له فيما علمت، وكل من جاء بعده إنما هو عالة عليه وإنما هو يستقي منه.
وإلا فصل خاص يجب أيضاً أن تقرؤوه لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم:«اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، ففي هذا الكتاب طرق شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الموضوع الهام الخطير فانتهى من حيث الجملة إلى ما يدل عليه الحديث السابق وما في معناه: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، ولكنه نظر إلى المسألة من زاوية أخرى وهي: أنه قد تحدث بعض الأمور ويرى أهل العلم أنها أمور مشروعة ومع ذلك فهي لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف لم يطبق عليها القاعدة: بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، بينما حدثت محدثات كثيرة وكثيرة جداً فاعتبر أهل العلم والتحقيق: كالشاطبي وابن تيمية وغيرهما من المحدثات.
فما هو الفصل .. ما هو الحكم الفصل بين ما يحدث ويكون مشروعاً وبين ما يحدث ولا يكون مشروعاً؟ هذا ما فصل القول فيه الإمام الشاطبي في الكتاب السابق: الاعتصام وجمعه وأوجز الكلام فيه شيخ الإسلام في الكتاب المذكور آنفا.
فأنا أوجز لكم القول: لا أريد في طبيعة الحال أن أذكركم بالنصوص التي تؤكد هذه القاعدة الإسلامية العظيمة: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؛ لأنني أعتقد أنكم على علم بذلك كما أظن وأرجو، ولكن أريد في الواقع أن أبين لكم أمرين اثنين لتتحققوا من معنى هذا الحديث الصحيح: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فلا تقعون في إفراط ولا في تفريط؛ لأن بعض الناس لجهلهم بما