للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليحصلوا على هذه العبادة بزعمهم قال أحدهم: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام البتة، وقال ثان: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء لماذا؟ لأن النساء مشغلة وقد جاء بالمناسبة في الحديث على طريقتنا نرمي عصفورين بحجر واحد جاء في الحديث الموضوع: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، فلماذا يتزوج هذا الإنسان والمرأة على كل حال لها حقوق، ولابد للزوج أن يقوم بهذه الحقوق فقيامه بهذه الحقوق يشغله بزعمه عن القيام بحق رب العالمين عليه، لذلك هو يترهب ولا يتزوج قال عليه السلام في الخطبة: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا» حكى عبارة هؤلاء، «أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله، أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».

إذاً: من رغب عن سنتي ليس المقصود عن سنتي النافلة المقصود: الخط الذي نشأ عليه الرسول عليه السلام، ويدخل في هذا وهو البيت القصيد من هذا الحديثِ: أنه لا يجوز للمسلم أن يتعبد الله بما يشاء، بما يخطر في باله كما خطر في بال هؤلاء الثلاثة: أحدهم يقوم الليل ولا ينام، أكثر الناس اليوم لا يعبدون الله باتباع سنة الرسول عليه السلام, وإنما يعبدون الله بأهوائهم بما يشاؤون، ولذلك حينما يُقَيّض لبعضهم من يعلمه السنة ويقول له: يا أخي لا تفعل هذا الشيء يقول له رأساً: انظر يا أخي هذه عبادة أنا أتقرب بها إلى الله عز وجل زلفاً نقول له فيها: أن الذي سن لنا السنن لم يأت بها، الذي سن لنا السنن لم يأت بها، أحد هؤلاء الرهط أراد أن يقوم الليل كله ماذا رد عليه الرسول عليه السلام؟ قال: «أنا أخشاكم لله، وأتقاكم لله» ومع ذلك ما أقوم الليل كله، أقوم الليل وأنام، ورد على الشخص الثاني الذي قال أصوم الدهر كان ماذا؟ كان يتقرب إلى الله بزيادة فرد عليه الرسول عليه السلام فقال: «أما أنا فأصوم وأفطر».

<<  <  ج: ص:  >  >>