الغربة، إنما الغرابة أن تصدر كثير من المخالفات للسنة والمطابقة للبدعة من كثير من إخواننا الذين ينتمون إلى اتباع السنة.
هنا مكمن الغرابة الشديدة، لا غرابة أن يخالف السنة جماهير الناس؛ لأنهم بعيدين كل البعد عن السنة، لكن الغرابة حقاً إنما هي أن يقع في مخالفة السنة من ينتمي إليها ويدافع عنها ويذب كل الذب في سبيل الدفاع عنها، مثال ذلك ما سمعناه آنفاً من نشاز وشذوذ في التأمين خلف الإمام، وهذه مصيبة عامة أتعجب منها كيف استمر العالم الإسلامي في هذه المخالفة بما فيهم أهل السنة والجماعة كما يقول البعض اليوم في العصر الحاضر، أعني ذلك مخالفة قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح الذي تلقته الأمة بالقبول، ألا وهو قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافقه تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
هذا الحديث يعاكس في تطبيقه من جماهير المصلين لا أستثني منهم أهل السنة الذين يحرمون البدعة إلا أفراداً قليلين منهم جداً جداً منتشرين هكذا، هم ضائعون في سواد الأمة، لا يسمع لهم صوت، هم الذين ينتبهون لهذا الحديث، فهل أنتم على الأقل في هذه اللحظة منتبهون لمعنى هذا الحديث:«إذا أمن الإمام فأمنوا» ليس معنى الحديث كما تفعلون، تسابقون الإمام بالتأمين، لا يكاد الإمام ينتهي من قراءة:{وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٧]، ويقف بالنون الساكنة الواضحة ليأخذ نفساً ليقول رافعاً صوته: آمين. وإذا بالجمهور من المصلين يسبقونه بآمين؛ لماذا؟ وعلى ماذا يدل هذا؟ يدل على غفلة المصلين، وأنهم لا يحضرون عقولهم مع قراءة القارئ الإمام الذين بين أيديهم، ولذلك فهم يقعون في مثل هذه المخالفة الجلية، وإن تعجب فعجب كل العجب أن هناك أحد