إخواننا الذين يخطبون كل جمعة في مسجد صلاح الدين، ألا وهو الأستاذ الفاضل أبو مالك، كلكم يعرفه إن شاء الله، في كل صلاة الجماعة لا يكبر إلا بعد أن ينبه الحاضرين الذين سيصلون خلفه: لا تسبقوني بآمين، ويا سبحان الله! كأنما يتكلم بالجماد، فلا يكاد يقرأ أول ركعة:{وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٧] إلا ويضج المسجد بآمين، قبل أن نسمع تأمينه، بل نسمع تأمينه؛ لأنه يذهب مع تأمين المصلين بدل ما يذهب تأمين المصلين مع تأمين الإمام، لذلك أذكركم والذكرى تنفع المؤمنين بهذا الحديث الصحيح:«إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
أنا أعتقد أن سبب هذه الغفلة يعود إلى أهل العلم، هذا إن كان هناك من يصح أن يسمى بأنهم من أهل العلم؛ لأننا ندين الله ونعتقد جازمين أن العلم ليس هو أن يقرأ الفقيه بل المتفقه كتاباً من كتب مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة من مذاهب أهل السنة والجماعة، ثم هو لا يدري أهذا الذي قرأه هو ثابت بالكتاب أم بالسنة أم بإجماع الأمة، وأن هذا الإجماع إن كان منقولاً هل هو إجماع ثابت صحيح، أم ثبت ذلك بالقياس وبالرأي والاستنباط، ثم هل هذا القياس قياس جلي أم خفي، هل هو صحيح أم ضعيف، ليس الفقه أن يقرأ كتاباً من تلك الكتب، ثم هو لا يدري من أين جاءت هذه المسائل التي يقرأها، ثم يتبناها ثم ينشرها، ليس هذا هو العلم، العلم كما قال ذلك القائل العالم المحقق حقاً ألا وهو ابن القيم الجوزية رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله .. إلى آخره.
فالآن لا تكاد تجد عالماً بحق ينشر السنة بين الناس، ينشر بينهم أقواله عليه السلام والصحيحة منها، ليس كل ما ينسب إلى الرسول هو حديث ثابت