وأرجو من إخواننا الحاضرين جميعاً وبخاصة من كان منهم طالباً للعلم أن لا يؤخذ بالعاطفة، وأن لا ينساق معها بحيث أنها تهوي به في واد سحيق خلاف ما يريد من التمسك بالكتاب والسنة، فالكتاب والسنة فيها العدل والحكمة، والآية التي ابتدأت جوابي بها أولاً، هي التي تناسب المقام الذي أنا في صدد الكلام فيه والجواب عن بعض تلك الأسئلة التي جاءت فيما سمعنا من كلام هذا الذي ابتلي المسلمون به اليوم المسمى بمحمد الغزالي، أقول:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ولكي نكون مع هذا الآية وليس عليها وليس مخالفين لها، أريد أن تفرقوا معي بين من ينكر السنة جملة وتفصيلاً، وبين من ينكر أطرافاً منها أو أفراداً منها، الذي ينكر السنة جملة وتفصيلاً فهو كافر لا يؤمن بالله ورسوله، وإن زعم بأنه يؤمن بالله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإنما يكون منافقاً يقول بلسانه ما ليس في قلبه، لكن ليس كذلك من أنكر أحاديث قلت أو كثرت من السنة، ولكنه في واقع أمره أنه يؤمن بالكثير الطيب منها، فهذا في اعتقادي جازماً لا يجوز تكفيره وحسبنا أننا نحكم بضلاله؛ لأن الذي ينكر أولاً حديثاً من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إن كان من أهل العلم بالحديث وانتبهوا جيداً حتى تكونوا فقهاء حقاً، ولو في مسألة واحدة كهذه المسألة، لو أنكر رجل حديثاً ما، وقال هذا حديث غير صحيح، ضعيف أو موضوع، وكان إنكاره قائماً على قواعد علماء الحديث، فهذا أولاً لا يجوز تكفيره بل لا يجوز تضليله، بل يجب علينا أن نُؤَجِّره وأن نُثَيْبه خيراً؛ لأنه مجتهد وتعلمون قوله عليه السلام:«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد»، هذا حكم من أنكر حديثاً وهو هذا الحديث في واقع أمره صحيح، لكن المُنْكِر لم تتبين له صحته بناءً على قواعد علماء الحديث، فهذا مأجور غير مأزور.
مرتبة أخرى: زيد من الناس أنكر حديثاً وهو ليس من أهل الحديث، بل ولا