للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الفقه والعلم، إنما هو من عامة الناس، كيف أنكر الحديث؟ سأل شيخاً يظنه عالماً ما رأي الشيخ في هذا الحديث؟ قال له لا هذا حديث باطل، هذا حديث موضوع، فاعتقد هذا الرجل العامي ما سمعه من ذاك الشيخ فهذا ليس آثماً، يعود البحث على الشيخ فتطبق عليه المراحل الثلاثة، فأيها صدقت فيه، أي إن كان ينكر السنة جملة وتفصيلاً فهو في الجملة أنكر هذا الحديث لهذا السائل، أو يؤمن كأصل بالسنة ولكنه أنكر حديثاً ليس من طريقة علماء الحديث، وإنما من طريقة الهوى فهذا ضال كما ذكرنا آنفاً أو أنكر هذا الحديث بناء على اجتهاد علمي منه فقد عرفتم، هذه المراتب لا بد من أن تكون راسخة في أذهاننا وعلى استعراضها دائماً يجب أن نحكم على الكوثري وعلى الغزالي والذين ينحون منحاهم في إنكار الأحاديث.

أنا أُفَرِّق جداً بين الكوثري وبين الغزالي، الكوثري حقيقة وهذا أقوله انطلاقاً من الآية السابقة: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} هذا الشيخ زايد الكوثري كان في زمانه أخشى أن أقول أعلم أهل الأرض بالحديث خاصة بالمصطلح والرجال، قد لا يكون له سعة اطلاع على متون الأحاديث وطرق الأحاديث والحكم على كل حديث بالصحة والضعف الذي يقتضيه أفقه العلمي الواسع، واطلاعه المديد الطويل بسبب إقامته في عاصمة الإسلام يومئذ، ألا وهي اسطانبول التي فيها من كتب الحديث المخطوطة ما لم يخطر على بال بشر، هذا الرجل إن لم أقل إنه كان أعلم زمانه بهذا التحديد، فهو لا شك من أعلم أهل زمانه، ولكنه أضله الله على علم، أي: إنه لم يستفد من علمه بالحديث ورجاله وكتبه؛ لأنه غلبت عليه آفتان اثنتان: الآفة الأولى هي العصبية المذهبية، والآفة الأخرى هي الشعوبية، أي: ضد العربية، أي: العرب أنفسهم، فمن هنا أوتي الرجل ولذلك تجد منه انحرافاً خطيراً جداً

<<  <  ج: ص:  >  >>