قديماً، ولكن لا بأس من الإعادة فكما يقال: في الإعادة فائدة، وأتصور أن هناك بعض إخواننا ممن لم يتح لهم في تلك الجلسة القديمة أن يسمعوا مثل هذه الكلمة.
فأقول: الحديث المذكور أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال: «كنا جلوساً مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تمعر وجهه» أي: تغيرت ملامح وجهه عليه السلام أسىً وحزناً على فقر هؤلاء الأعراب.
«فقام عليه الصلاة والسلام في أصحابه خطيباً ثم قال: تصدق رجل بدرهمه، بديناره، بصاع بره، بصاع شعيره، ثم تلا قوله تبارك وتعالى:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون: ١٠]».
بعد أن أنهى الرسول عليه السلام خطبته هذه انطلق رجل من الحاضرين إلى داره ليعود إلى المجلس فيضع بين يدي الرسول عليه السلام ما تيسر له من الصدقة، فلما رأى بقية أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما فعل صاحبهم هذا الأول قام كل منهم أيضاً ينطلق ليعود بما تيسر له من الصدقة، فاجتمع أمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الصدقات كأمثال الجبال هكذا، أي: أكوام.
فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك تنور وجهه كأنه مذهبة، تنور وجهه كأنه مذهبة أي: كأنه فضة مطلية بالذهب، تلألأ. ثم قال هذا الحديث:«من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» الحديث.
فأنتم ترون معي بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تلفظ بهذا الحديث الشريف بمناسبة قيام