للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل الأول ورجوعه بالصدقة، فلم يكن هناك في المجلس أمر محدث، لم يكن معروفاً عند أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وإنما كان بدعة محدثة، لم يكن شيء من ذلك إطلاقاً وإنما كل ما حدث هو أن الرجل الأول فتح الطريق للآخرين بالصدقة المشروعة من قبل وفي تلك اللحظة ذكرهم الرسول عليه السلام بالآية السابقة وبقوله وبحثه إياهم بقوله: «تصدق رجل بدرهمه، بديناره، بصاع بره، بصاع شعيره».

فإذاً: تفسير هذا الحديث: «من سن في الإسلام» بمعنى: من ابتدع في الإسلام، هذا تفسير خاطئ لا يجوز نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، لأنه لا يلتقي أبداً مع ما وقع في ذلك المجلس من قيام الرجل ورجوعه بالصدقة قبل الآخرين ثم اتباع الآخرين له على تلك الصدقات التي كانت سبباً لكشف الغمة عن أولئك الأعراب، وكان ذلك سبباً مفرحاً للرسول عليه السلام حتى تهلل وجهه كأنه مذهبة.

فإذاً معنى بإيجاز والبحث يتحمل التطويل جداً جداً، معنى: «من سن في الإسلام سنة حسنة» أي: من فتح طريقاً إلى سنة مشروعة، إلى أمر مشروع «فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» هذا هو معنى الحديث، وليس معناه أن يبتدع الإنسان إحداث عبادة لم تكن معروفة من يوم قال الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

ليس معنى: «من سن» من ابتدع، وإنما من فتح طريقاً إلى سنة معروفة، وعلى العكس الشطر الثاني من الحديث: من فتح طريقاً إلى سنة شريرة، إلى سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>