للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعتموها آنفاً، وكان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يفتتح بها خطبه كلها وبخاصة منها خطبة الجمعة، وأعني بذلك من هذه الخطبة: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» فإن كثيراً من العلماء المتأخرين ذهبوا إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام وهم بذلك يضطرون إلى أن يقولوا: إن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» من العام المخصوص، ومعنى هذا الكلام: أنه ليس الأمر على هذا الإطلاق والشمول لكون كل بدعة ضلالة بل بعد أن تأولوا هذه الجملة على أنها من العام المخصوص تصبح عبارتها على العكس من صريح دلالتها تماماً، أي: ليس كل بدعة ضلالة.

ومع ما في هذا التأويل من إخراج الكلام عن دلالته الظاهرة فينبغي علينا أن نعرف شبهة هؤلاء العلماء من المتأخرين الذي تأولوا قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل بدعة ضلالة» بما سمعتم.

إن الكلام حول الشبهات التي يميل إليها ويجنح إليها أولئك الناس كثيرة لكني أريد أن أُخَصِّص هذه الجلسة بحديث صحيح يتكئون عليه فيما يذهبون إليه مما ذكرته آنفاً وخلاصة ذلك: أن في الإسلام بدعة حسنة، ومن أقوى أدلتهم وروداً وليس دلالة إنما هو الحديث الصحيح المشهور: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء».

هذا الحديث هو كما قلت آنفاً: من أقوى أدلتهم من حيث الرواية، وحينما أقول: من حيث الرواية فإنما أعني ما أقول وأقصد ما أقول؛ ذلك لأن هذا الحديث حينما نتأمل في سبب وروده أولاً، وفي التحقيق في معناه ثانياً ينقلب

<<  <  ج: ص:  >  >>