للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا لكم: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١] فإن نهض برهانهم على إثبات ما ادعوه من حسن تلك البدعة سلمنا لهم؛ لا لأنها بدعة داخلة في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» وإنما لأنه قام الدليل الشرعي على أن ذلك الأمر الذي حسنوه هو أمر مشروع فنحن في هذه الحالة نكون قد اتبعنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في دعوته العامة التي كان يشير إليها قبيل قوله: «كل بدعة ضلالة» حيث كان يقول: «وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإياكم ومحدثات الأمور» إلى آخر الحديث.

كذلك نقول في تمام الحديث: «ومن سنة في الإسلام سنة سيئةً» من عجائب هؤلاء المبتدعة في آخر الزمان أنهم حينما يستحسنون أمراً حادثاً يلجؤون إلى عقلهم وهم بذلك ينقضون أصلهم وهو أن التحسين لله وليس لعباد الله، كذلك على العكس من ذلك: حينما يقولون ببعض المحدثات من الأمور بأنها من البدع ويحذرون الناس منها وبخاصة إذا كان هؤلاء الناس من أهل السنة الذين يحرصون على أن لا يزيدوا على ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئاً .. أن يزيدوا شيئاً على ما جاء به الرسول عليه السلام من العبادات.

يقول هؤلاء الذين لم يحسنوا فهم هذا الحديث: أنت تقول: إن الزيادة الفلانية مثلاً بدعة، ماذا فيها يا أخي؟ ما هو مثلاً إلا الذكر وإلا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، تركوا أصلهم من القول بأن التحسين والتقبيح لله وأصبحوا معتزلة بحيث أنهم حكموا عقلهم بقولهم: ماذا فيها يا أخي؟ ثم يعودون ليقولوا: يا أخي! هذه الساعة التي تحملها والسيارة التي تركبها هذه أيضاً من البدع فكيف تقر هذا وتنكر ذاك؟ !

هذه غفلة خطيرة وخطيرة جداً، أولاً: عما نحن فيه من بيان معنى الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>