للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفهم الحسن والقبيح فيأتي بالحسن ويدع القبيح.

إن أهل الاعتزال انفصلوا على أهل السنة وأهل الحديث حتى من كان من أهل السنة في بعض المسائل قد انجرف مع الاعتزال في بعض مسائلهم، أما في هذه المسألة فقد ضلوا الجماعة أن التحسين والتقبيح العقليين باطل وأن الحسن والسيئ لا سبيل لمعرفته إلا بالشرع، إذا كان هذا أمراً متفقاً عليه بين أهل السنة وحينئذٍ نقول لهؤلاء الذين فسروا الحديث بالتفسير الخطأ: من سن بمعنى: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة سنقول الآن: ندع مناقشتكم في اللفظ .. في التعبير من ابتدع؛ لأنني قلت في بعض المحاضرات في مثل هذا البحث: لو أن عربياً بل أعجمياً مثلي استعرب وقال بمثل تلك المناسبة التي قال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تلك الجملة .. لو قال أعجمي قد استعرب: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة لا شك أنه يقال في حقه: لقد غلبت عليه العجمة؛ لأنه ليس هناك بدعة ليسوغ له أن يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة فكيف ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو بحق أفصح من نطق بالضاد .. كيف ينسب إليه بمناسبة قيام ذلك الرجل الأول وإتيانه بالصدقة .. قال عليه السلام ما معناه عندهم: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة فأين البدعة في هذه الحادثة؟ عار على الأعجمي المستعرب أن يقول مثل هذا المعنى بمثل هذه المناسبة فكيف ينسب هذا المعنى إلى أفصح من نطق بالضاد - صلى الله عليه وآله وسلم -.

فنعود لنقول: إذا كان الحسن والقبح لا يعرف إلا بطريق الشرع فحينئذٍ إذا سلموا معنا ولا شك أن الذين ينتمون إلى أهل السنة هم معنا في هذه الجزئية على الأقل، وهي: أن التحسين والتقبيح العقليين باطل وأن التحسين والتقبيح إنما هو بالنقل عن الشرع، حينئذٍ سنقول: كلما جئتم ببدعة وزعمتم بأنها حسنة

<<  <  ج: ص:  >  >>