فإذاً: نَقْلُ هذا التثويب من الأذان الأول إلى الثاني هذا ضرب للسنة، هذا أذان لا ينبغي أن يختلف فيه كما يمكن أن يقع الخلاف في مسألة القبض؛ لأن الحقيقة لا يوجد عندنا كان لا يضعون أيديهم في القيام الثاني، كما أنه لا يوجد العكس إنما وصلنا إليه بتلك المقدمات العلمية الدقيقة، أما المثال الثاني فواضح أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولا يقبل شيئاً من الجدال؛ لأن الحديثين الثابتين يؤكدان أن هذا التثويب في الأذان الأول، فإذا رأينا المسلمين اليوم أجمعوا أو كادوا ولعل الأخرى أصوب من الأولى كادوا أن يجمعوا على خلاف السنة أن يقولوا في الأذان الثاني: الصلاة خير من النوم، ولا يقولون ذلك في الأذان الأول أو لعلهم لا يؤذنون الأذان الأول مطلقاً! فأي سنة بل أي بدعة (انقطع) دعماً للثابت في السنة النظر الصحيح، فإن التوجيه النبوي له حِكَم، تعليمه له حكم بالغة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، لماذا كان الأذان الأول؟ جاء في الصحيح كان ذلك:«ليستيقظ النائم وليتسحر المتسحر».
لذلك قال عليه السلام:«لا يغرنكم أذان بلال؛ لأنه يؤذن بليل ليقوم النائم ويتسحر المتسحر فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، وكان رجلاً أعمى، وكان لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت» أي: دخلت في الصبح فيؤذن.
إذاً: هذا الأذان الأول وضع فيه جملة الصلاة خير من النوم؛ لأنه كاد أن يخاطب النائمين؛ ليقوم النائم وليتسحر المتسحر، فخلاف الحكمة فضلاً عن كونه خلاف السنة كما شرحنا: أن يقال للناس لكن أي ناس هؤلاء هم الناس المؤمنون الصالحون المفروض أنهم مستيقظون حينما يسمعون أذان الفجر الأول مستيقظون، لكن الحقيقة أن أكثر الناس يوم يسمعون اليوم الصلاة خير من النوم فعلاً يكونوا ماذا؟ نائمين؛ لأنه ما سمعوا الأذان الأول وبخاصة لا يكون