للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عداء جديد للدعوة، ليس فقط من العرب في الجزيرة العربية ومن النصارى أيضاً في شمال الجزيرة العربية، أي من سوريا، ثم أيضاً ظهر عدو آخر ألا وهو فارس، فصارت الدعوة الإسلامية محاربة من كل الجهات: من المشركين في الجزيرة العربية، ومن النصارى واليهود في بعض أطرافها، ثم من قبل فارس التي كان العداء بينها وبين النصارى شديداً كما هو معلوم من قوله تبارك وتعالى: {الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ١ - ٤]، الشاهد هنا: لا نستغربن وضع الدعوة الإسلامية الآن من حيث أنها تحارب من كل جانب.

فمن هذه الحيثية كانت الدعوة الإسلامية في منطلقها الأول أيضاً كذلك محاربة كل الجهات.

وحينئذٍ يأتي السؤال والجواب: ما هو العمل؟ ماذا عمل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه الذين كانوا أو كان عددهم يومئذٍ قليلاً بالنسبة لعدد المسلمين اليوم، حيث صار عدداً كثيراً، وكثير جدا؟

هنا، هنا يبدأ الجواب: هل حارب المسلمون العرب المعادين لهم، أي قومهم في أول الدعوة؟ هل حارب المسلمون النصارى في أول الأمر؟ هل حاربوا فارس في أول الأمر؟ الجواب: لا، لا، كل ذلك، الجواب: لا. إذاً ماذا فعل المسلمون؟ نحن الآن يجب أن نفعل ما فعل المسلمون الأولون تماماً؛ لأن ما يصيبنا هو الذي أصابهم، وما عالجوا به مصيبتهم هو الذي يجب علينا أن نعالج مصيبتنا.

وأظن أن هذه المقدمة توحي للحاضرين جميعاً الجواب إشارة وستتأيد هذه الإشارة بصريح العبارة، فأقول: يبدو من هذا التسلسل التاريخي والمنطقي في آنٍ واحد أن الله عز وجل إنما نصر المؤمنين الأولين الذين كان عددهم قليلاً جداً بالنسبة للكافرين والمشركين جميعاً، من كل مذاهبهم ومللهم، إنما نصرهم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>