ولكنها ليست عاطفة مقرونة بالعلم الإسلامي الصحيح، ذلك لأن الذي باشر ذلك القتل إنما كان بتوجيه من الحاكم المسلم وهو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولذلك فنحن نقول لهذا الذي يسمي ذلك القتل بالسنة المهجورة: اتخذ الأسباب الشرعية التي أشرت إليها في تضاعيف كلامي السابق من التصفية والتربية ليأخذ المسلمون طريقة البدء بإقامة الدولة المسلمة في أرض من أراضي الله الواسعة ويوم تقوم قائمة المسلمين ويقوم عليهم رجل مسلم تتوفر فيه الشروط ليكون أميراً على جماعة مسلمة، فإذا هذا الأمير أمر بمثل ذلك الأمر وجب تنفيذه، أما أن ينطلق كل فرد يتصرف برأيه دون أن يكون مأموراً ممن يجب إطاعة أمره، فهذا ليس من السنة إطلاقاً، بل هذا مما يدخل في القاعدة التي ندندن حولها دائماً وأبداً، وهي من الحكمة بمكان عظيم يؤكدها الحوادث التي نسمع كل يوم عنها الشيء الكثير المؤسف، تلك القاعدة هي التي تقول: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه، ذلك لأن الذي يسلك سبيل اغتيال رجل من الكفار ولو كان له صولة وله دولة فسيكون عاقبة ذلك أن ينتقم الكفار؛ لأنهم أقوى من هذا المسلم ومن حوله، فستكون العاقبة ضعفاً في المسلمين على ضعف، بينما تلك الحادثة كانت عاقبتها نصراً للمسلمين، فشتان بين هذه العاقبة وبين تلك العاقبة، والأمر كما قال -عليه السلام- ولو في غير هذه المناسبة:«إنما الأعمال بالخواتيم»، هذا جوابي عن هذه السنة المهجورة المزعومة.
شقرة: شيخنا أقول: من عظائم البلاء في هذا الزمان أنه تسنم العلم غير أهله.
الشيخ: الله أكبر.
شقرة: وأن طرائق المعرفة شدا فيها الصبية، وأن ذرى العلم صعد إليها من لا يحسن الصعود.