للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك اللذة، هلا مثلاً استعاضوا عن الملاحظة التي كانوا يلاحظونها هناك، بأن يشغلوا أنفسهم، وأن يشغلوا من يستطيعون من أهل هذه البلاد بالعبادة، وبخاصة بتلاوة القرآن، هذه التلاوة التي هي من خصائص الصيام في رمضان، ففي ذلك ما يحقق لهم شيء من الشعور بلذة العبادة، ومما يعوض لهم ما فاتهم بسبب الفرق المادي والمالي بين البلدين، فهذا الاندفاع الذي يدفع هؤلاء الإخوة إلى مثل هذا الكلام، فأقل ما يقال فيه إنه كلام غير موزون.

وعلى كل حال إن أصيب مسلم بمصيبة فعليه أن يذكر مثل قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].

وفي اعتقادي كل البلاد الإسلامية التي آثرها الله عز وجل بكثير من النعم والأموال الوفيرة، باعتقادي أنهم ما أحسنوا استعمالها؛ ذلك لأن البذخ والترف والتبذير علامات واضحة في كل هذه البلاد، بل وفي بعض البلاد التي ليست عليها مسحة الغنى والثروة، لكن يوجد فيهم أفراد أغنياء فتجدهم يصرفون هذا المال ونحوه، إما فيما هو محرم، وإما فيما هو مكروه على الأقل، كمثل البنيان والتفنن في رفعه وتشييده والتوسع في تكثير غرفه، والتفنن في تجميل جدرانه ونحو ذلك.

وقد جاءت هناك أحاديث تحذر المسلم من أن يرتفع في بنيان داره بأكثر مما هو بحاجة إليه، كما أنه جاء ما هو أخص من ذلك؛ لأنه لا ينبغي التوسع في استعمال وفي اقتناء الفرش أكثر من اللازم، والإكثار من الستائر وتجميل الجدران بها، كل ذلك مما جاء في السنة، ولعلكم تذكرون معي بعض ما أشرت

<<  <  ج: ص:  >  >>