للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دائماً باليد ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث: «فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ولقد طبق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا التسلسل في إنكار المنكر في بعض تصرفاته الحكيمة من مثلها أخذ العلماء قولهم: «من كان آمراً بالمعروف فليأمر بالمعروف» أخذوا ذلك من مثل قوله عليه الصلاة والسلام حينما نصره الله على مشركي مكة وفتح له مكة فصلى في جوف الكعبة كما هو معلوم فلما خرج عليه الصلاة والسلام أرادت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن تدخل الكعبة وأن تصلي فيها تحقيقاً منها لقول ربنا تبارك وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] فلما عرف ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - منها قال لها: «صلي في الحجر فإنه من الكعبة ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ولجعلت لها بابين مع الأرض باباً يدخلون منه وباباً يخرجون منه» فترك عليه الصلاة والسلام بناء الكعبة على ما بناه عليه المشركون خوفاً من أن يشك بعض المؤمنين أو بعض حديثي العهد بالإيمان ..

أن يشكوا في إيمانهم وإسلامهم إذا رأوا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد هدم الكعبة لجهلهم بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يريد هدم الكعبة لإعادة بنيانها على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

فإذاً: هو لم يغير المنكر بيده فنزل من هذه المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية فبين عليه الصلاة والسلام أن الحجر من الكعبة، وأنه لولا هذا المانع لأدخل إلى الكعبة الحجر وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام وفي زمن أحد ملوك بني أمية والقتال الذي جرى مع الأسف بين عبد الله بن الزبير وبين الحجاج الظالم المبير وتمكن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من إعادة الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام ثم وقع مع الأسف أن أعيدت الكعبة إلى ما كانت عليه من قبل أي: إلى ما كانت عليه في زمن الجاهلية؛ لأن الحاكم يومئذ كان جاهلاً بحديث عائشة رضي الله عنها وهذا القصة كنت قد ذكرتها في المجلد الأول من كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة فمن شاء رجع إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>