للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع اليسر أو مع العسر، فمما نقرأ أن المهاجرين الأولين لما هاجروا من مكة إلى المدينة وكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - آخى بين المهاجرين والأنصار برهة من الزمن، فوقعت هناك كما شهد الله عز وجل في الآية الكريمة قصص تعبر عنها هذه الآية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَو كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]، من ذلك مثلاً وهذا الذي يهمني من تلك الأمثلة أنها تبين لنا أن كلاً من المهاجرين والأنصار كانوا مؤمنين حقاً، فالمهاجرون فقراء تركوا بلادهم وأموالهم وكل أملاكهم، ونجوا بإيمانهم وأنفسهم، ونزلوا ضيوفاً على الأنصار وهم أهل البلاد، أهل المدينة، أهل الأموال، فكان من السياسة الشرعية أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - آخى بين هؤلاء وهؤلاء، وقصة عبد الرحمن بن عوف مع أحد الأنصار ولا أذكر اسمه أظن الربيع.

المهم، هذا الأنصاري عنده زوجتان فقال لعبد الرحمن بن عوف: اختر أيهما شئت حتى أطلقها لك، وأراد أن يقاسمه ماله فضلاً أنه يعطيه زوجه، قال - هذا معناه أن الطيور على أشكالها تقع -

قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق، فدله على السوق واشترى عقالاً فباعه، وربح به ربحاً قليلاً، ثم أخذ يتردد على السوق ولم يرضَ أن يعيش عالة على الأنصاري الغني، وبارك الله عز وجل له في تجارته التي بدأت بعقال بعير حتى تزوج، ورآه الرسول عليه السلام وعليه آثار الزواج فقال له: «ما هذا يا عبد الرحمن! تزوجت قال: نعم، قال: بكم، قال: بنواة من الذهب، قال: هل أولمت؟ قال: لا، قال: أولم ولو بشاة».

الشاهد اليوم إذا وقع مثل هذا التفاوت بين غني وفقير؛ لأن كلاً من الفريقين ليس عند حسن الظن الذي يجب أن يكون عليه المؤمن، فالغني يبخل على الفقير ولا يعطيه ما يغنيه فضلاً عن أن يؤثره ويكون به خصاصة، والفقير نفسه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>