البلاد هات يدك وامشي، أين رايحين رايحين يجاهدوا في سبيل، لكن ما هم فهمانين أنهم رايحين لهدم بيت الله تبارك وتعالى، فهؤلاء يخسف الله بهم الأرض ويهلكهم جميعاً، فالسيدة عائشة أشكلت في الأمر وقالت كيف هذا وفيهم كذا وكذا وكذا؟ فأجاب عليه السلام بأنهم يبعثون على نياتهم، كلمة يبعثون على نياتهم ليس لها علاقة بالغدر والقتل لمن لا يستحق، وإنما لها علاقة بالذي ينضم إلى جيش لا يعرف الغاية أن هذا الجيش قد يمم شطر ارتكاب محرم كبير فهو يبعث على نيته، فالحديث في واد والمستدل عليه في واد آخر، إنما يبعثون على نياتهم فما علاقة القيام بالغدر بمثل هذا الحديث، هذا أولا.
وثانيا هل هو سبيل إقامة الدولة المسلمة بمثل هذه الوسائل التي ابتلي بها كثير ممن يدعون العمل للإسلام والجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى؟ هل هكذا فعل الرسول عليه السلام حينما بدأ لإقامة الدولة المسلمة؟ كل مسلم يعرف أن مثل هذه التصرفات لم تقع إلا في العهد المدني أي بعد أن أوجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعلاً الطائفة المنصورة أوجدهم وعلمهم مما علمه الله ورباهم على عينه وبدأ يجهز هؤلاء لملاقاة الكفار، ونحن نعلم أن أول معركة قامت بين المسلمين وبين الكافرين لم تَقُم ابتداءً من الرسول عليه السلام وأصحابه وإنما دفاعا عن بلد المسلمين الذي غزي من الكافرين كما هو معروف في السيرة وفي قصة غزوة بدر المعروفة، فلذلك الجهاد يحتاج إلى مقدمات ومقدمات كثيرة وكثيرة جداً.
وهذا يربطنا ببعض الأسئلة التي سبق أن تلوتها علينا نضم الجواب عن ذاك السؤال المتعلق بالجهاد فيبدو أن هؤلاء الناس لا يفرقون بين جهاد وجهاد، لا يفرقون بين جهاد الدفاع الذي معناه أن المسلمين هوجموا في عقر دارهم فَعَلى المسلمين كلهم حتى النساء أن يقوموا كل فرد منهم بما يستطيع من جهاد في دفع صائلة هؤلاء الأعداء المهاجمين المسلمين في عقر دارهم، هنا لا يرد موضوع الإمارة والأمير والاستعداد الواجب أن يقوم به المسلمون، بينما الجهاد الذي نحن نقول لا بد له من إمارة ولا بد له من قيادة ولا بد له من الاستعداد بالمعنيين