للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام ببعض الواجبات الكفائية والتي ليست هي بالواجبات العينية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن المعلوم شرعاً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون أيضاً بالمعروف وليس بالشيء المنكر، ومن (انقطاع) والنهي عن المنكر أن يترتب وراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة كبرى هي أكبر من المصلحة التي يريدون تحقيقها أو المفسدة التي يريدون القضاء عليها، فإذا ترتب من وراء ذلك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر تلك المفسدة الكبرى فهنا يقول أهل العلم: أنه لا يجوز المبادرة إلى مثل ذاك الأمر بالمعروف وإلى مثل ذاك النهي عن المنكر، فإذا أمروا بالمعروف يجب أن يكون أمرهم بالمعروف، وإذا نهو عن المنكر فيجب أن يكون كذلك نهيهم عن المنكر بالمعروف، والمعروف بلا شك إنما يكون إذا كان موافقاً للكتاب والسنة.

ومن المقرر عند أهل العلم أنه إذا دار الأمر بين مفسدتين إحداهما أكبر من الأخرى ارتكبت الصغرى في سبيل دفع الكبرى بها، ومما يستدل على ذلك قصة أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لعائشة أن تصلي الصلاة في الحجر لما رأت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل جوف الكعبة وصلى فيها ركعتين فأرادت هي رضي الله عنها أن تقتدي بنبيها وأن تدخل إلى جوف كعبة ربها فقال لها عليه الصلاة والسلام: «صلي في الحجر فإنه من البيت وإن قومك لما قصرت بهم النفقة أخرجوا الحجر من البيت، ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام ولجعلت لها بابين مع الأرض باباً يدخلون منه وباباً يخرجون منه» فلم يغير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بناء الكعبة على ما تركته عليه أهل الجاهلية وهو قاصر عن البناء الذي كان إبراهيم عليه السلام أقام قواعده عليها مع ذلك فقد أعرض الرسول عليه السلام عن تجديد بناء الكعبة خشية أن تثور في بعض الناس فتنة تردهم عن كثير من دينهم، وإذا كان الأمر كذلك أي: كان من الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف شرعاً فأرى أنه يجب على القائمين

<<  <  ج: ص:  >  >>