للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة هذا التقسيم العاطل الباطل والواقع يكذبه من كل المسلمين؟ !

لكنهم هم في الواقع يلجأون إلى مثل هذا التقسيم من باب معالجة منكر بمنكر آخر، يعني: على مذهب أبي نواس: وداوني بالتي كانت هي الداء.

ما هو المنكر الذي يريدون أن يعالجوه به، أن كثيراً من عامة الناس تأخذهم العزة الإسلامية والغيرة الإسلامية حينما يرون منكراً فيغيرونه بيدهم، وهم ليسوا حكاماً؛ فيترتب من وراء هذا التغيير منكر أكبر، وهذا بلا شك لا يجوز، لكن عدم جوازه ليس لأن هؤلاء الذين غيروا المنكر هم ليسوا حكاماً، وإنما لأن هذا التغيير يترتب منه مفسدة أكبر من المصلحة، أي: لو أن المغير كان هو الحاكم نفسه، ورأى أنه يترتب من وراء تغييره لهذا المنكر منكر أكبر، لَما جاز له أن يغيره، وهو الحاكم، وهو الذي زعموا أنه مخاطب فقط، بقوله: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده».

والدليل على ذلك لما الرسول عليه السلام دخل جوف الكعبة وصلى ركعتين -كما جاء في الصحيحين- ثم خرج فأرادت السيدة عائشة أن تجهد نفسها وأن تتكبد مشقة الصعود إلى جوف الكعبة؛ لأن الباب كما هو الآن كان عالياً ومرتفعاً، فقال عليه السلام لها: صل في الحجر؛ فإنه من الكعبة أو من البيت، وإن قومك لما بنوا الكعبة قصرت بهم النفقة، ولولا أن قومك حديثوا عهد بالشرك لهدمت الكعبة، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، أي: أدخلت الحجر في الكعبة، ولجعلت لها بابين مع الأرض، باب يدخلون منه، وباب يخرجون منه.

فإذاً: هذا هو الحاكم الأعلى بعد الله على وجه الأرض هو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ورأى المنكر، أي: نصف الكعبة أو ربعها خارج الكعبة، فما غَيَّرَ، لماذا؟

بَيَّن السبب: «لولا أن قومك حديثو عهد بالشرك .. » إلى آخره.

إذاً: هؤلاء الذين يُحَرِّفون الكلم من بعد مواضعه ويُفَسِّرون الحديث بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>