للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمثاله، ألا وهو قولهم: من كان آمراً بالمعروف فليكن أمره بالمعروف.

ولا يكون الأمر بالمعروف معروفاً إلا إذا كانت المصلحة من الأمر بالمعروف راجحة على المفسدة، من هنا نحن نقول: إن قيام بعض الأفراد أو بعض الجماعات ببعض الأوامر التي تدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قيامهم بهذا وأمثاله لا يلاحظ فيه هذه القاعدة التي ذكرتها آنفاً، والمستنبطة من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها من كان آمراً بالمعروف فليكن أمره بالمعروف، أقول هذه حكمة يقولها الفقهاء مستنبطين لها من حديث عائشة، وقد روي حديثاً مرفوعاً عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لكنه لا يصح، وحسبنا أن نقول إنها حكمة تبناها العلماء من هذا الحديث العظيم الذي نطق به النبي الكريم في عز قوته، مع ذلك لم يبادر إلى تغيير بناء الكعبة هذا البناء الذي أقامه مشركون في الجاهلية، فلم يغير شيئاً من ذلك خشية المفسدة الكبرى على المصلحة، من هنا قلت ما قلت آنفاً ..

أنه لا ينبغي لبعض الأفراد أو الجماعات أن يتقدموا إلى تغيير بعض الأمور سواء أمراً بالمعروف أو نهياً عن منكر إذا كان يترتب من وراء ذلك مفسدة أكبر من المصلحة المرجوة، نحن نسمع في كثير من البلاد الإسلامية أن بعض الجماعات تقول بمثل هذا الذي نحن ندندن حوله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن بطريقة غير حكيمة، وربنا عز وجل حينما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قرن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، فنرى أن كثيراً من الشباب أو الجماعات الإسلامية حين يقومون بمثل هذا التغيير تكون مفاسد التغيير أكثر من الصلاح الذي يرجونه من وراء ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما نريد أن نذكر مثلاً البلاد الإسلامية كلها اليوم تعيش في غمرة الإعراض عن هذه الحكمة، من أجل هذا نحن ندندن دائماً وأبداً وننصح الجماعة الإسلامية في كل بلد أن يستنوا بسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الإصلاح، حيث أنه عليه الصلاة والسلام لم يبدأ الدعوة إلى الإسلام وإلى الإيمان والتوحيد بالقوة، وإنما باللسان والحجة والبينة، من أجل ذلك قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>