«صحيح البخاري» من حديث أبي سعيد الخدري معنى الحديث؛ لأني لا أذكره الآن أنه ما من مؤذن يؤذن إلا ويشهد له يوم القيامة من حجر أو مدر، فكلما كان أمد صوتاً كلما كان أكثر أجراً، الآن مكبر الصوت يحقق هذه الغاية المشروعة، فإذاً هذه وسيلة مشروعة.
لكن ننظر الآن وهنا النكتة التي أشرت إليها آنفاً، هذه الوسيلة في الإقامة لا تشرع، خلاف ما عليه اليوم المساجد، لا يفرقون في إذاعة الأذان والإقامة بمكبر الصوت، لا يفرقون؛ ذلك لأنهم لم يتفقهوا في حديث الرؤيا، حينما أذن الملك الذي رآه في المنام وقف على مرتفع، ولما أقام نزل إلى الأرض، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين قاطبةً إلى ما قبل وجود مكبرات الصوت، كانوا في أول الإسلام لا توجد هذه المنائر ناطحات السحاب، كانوا يصعدون على ظهر المسجد ويؤذنون، هل كانوا يفعلون كذلك في الإقامة؟ الجواب: لا، كانوا يقيمون في المسجد لم؟ لأن المقصود بالأذان إعلام الخارجين عن المسجد، والمقصود بالإقامة إعلام الحاضرين في المسجد، (فالآن إذا استعملنا مكبر الصوت في الإقامة كما نستعمله في الأذان خالفنا السنة).
إذاً هذه وسيلة ذات شقين من زاوية جائز اتخاذها، ومن زاوية أخرى لا يجوز اتخاذها.
كيف يمكننا أن نميز مثل هذا التمييز الدقيق وسيلة حادثة يمكن استعمالها فيما هو مشروع، ولا يمكن استعمالها فيما ليس بمشروع، ألا وهو الفقه الذي دعا الرسول عليه السلام لمن شاء من الناس في النص العام قال:«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، في النص الخاص المتعلق بعبد الله بن عباس قال:«اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل»، فكان كذلك، كان ترجمان القرآن وكان فقيهاً من فقهاء الإسلام، لذلك نحن ننصح المتحمسين من طلاب العلم من إخواننا الذين نعرفهم وإخواننا الآخرين الذين نؤمن بهم في الغيب ننصحهم (أن يوفروا