أيضاً الفقهاء خاصة المتأخرين منهم كما اختلفوا في المصالح المرسلة، فمنهم من قال كما قال عليه الصلاة والسلام:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، ومنهم من قال: لا، هناك بدعة حسنة، وهناك بدعة سيئة، اختلفوا، ولا نشك بأن القول الأول هو الصواب، وهذا له مجاله وله محاضراته وأشرطته، لكن أردت أن أقول بأن ابن تيمية الذي ذهب هذا المذهب الصحيح في أن كل بدعة في الإسلام ضلالة، في الوقت نفسه تعرض بهذه المناسبة للمصالح المرسلة وبين القول فيها على النحو التالي، ومن هنا نفذت أنا إلى جوابي السابق.
قال: المصلحة المرسلة لها ثلاثة أحوال، إما أن يكون المقتضي للأخذ بها كان قائماً في عهد الرسول عليه السلام أو لا، فإن كان الأمر الأول لا يجوز الأخذ بهذه المصلحة المدعاة، إذا كان الأخذ بهذه المصلحة المرسلة كان قائماً في عهد الرسول عليه السلام وهو لم يأخذ بها، فلا يجوز لنا الأخذ بها وهذا واضح جداً؛ لأنه يعني في الجملة بوضوح تام استدراك على رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن يتضح ذلك بمثال، الأذان كما تعلمون وسيلة للإعلام بدخول الوقت؛ فهل يشرع الأذان لغير الصلوات الخمس؟ طبعاً إلى الآن والحمد لله المسلمون مجمعون خلفاً تبعاً لسلف لا يشرع الأذان إلا للصلوات الخمس، طيب، لو أن محدثاً أحدث أذاناً لصلاة الكسوف أو الخسوف، كسفت الشمس في وضح النهار والناس في أعمالهم لاهون، فرأى واستحسن أحدهم أن يطلع يصعد المنارة ويؤذن، أيش هذا يرجو، يا أخي هذا تذكير بدخول وقت صلاة، الناس غافلون، هل يسمع منه وتقبل منه محدثته؟ علماً أن محدثته ما هي إلا إيش؛ ذكرٌ لله، وشهادة لله ولرسول الله، لا يقبل؛ لماذا؟ لأن صلاة الكسوف وقع في عهد الرسول عليه السلام، فلو كان من المشروع اتخاذ هذه الوسيلة وهذه المصلحة لإعلام الناس، كان رسول الله يفعل ذلك، وقيسوا ما شئتم، كصلاة مثلاً الاستسقاء يريد إمام المسلمين أو حاكم المسلمين أن يجمع المسلمين للاستسقاء صلاة الاستسقاء مشروعة، فهل يشرع الأذان؟ الجواب: لا،