المختلفة المذكورة في بعض كتب علماء الحديث ككتاب «الأموال»[لأبي عبيد] وكتاب «الأموال» لابن زنجويه وغيرهما من العلماء الذين فصلوا القول تفصيلاً في الأموال التي يجب جمعها وأن تكون مدخرة في خزينة الدولة لتقوم بمصالح المسلمين سواء ما كانت عامة أو عادية أو كانت طارئة، فإذا أخذ المسلمون بهذا الشرع الذي سنه الرسول عليه الصلاة والسلام أغناهم عن فرض وسائل لجمع الأموال وإملاء خزينة الدولة بها، ففي هذه الصورة لا يجوز فرض نظم أو فرض وسائل على المسلمين لا لأن المقتضى ليس قائماً ولكن السبب لذلك إنما إهمالهم نظام فرض الزكاة مثلاً.
أما .. وهذا آخر البحث في المصالح المرسلة .. أما إذا كان المقتضي بفرض نظام جديد ووسيلة جديدة لم تكن معهودة في عهد النبي وجد هذا المقتضي لم يكن سببه إهمال المسلمين فيما ذكرنا من بعض أحكام الدين فهنا ما دام أن هذه المصلحة تحقق غاية شرعية لا تخالف الشريعة بوجه من الوجوه ففي هذه الحالة يجوز الأخذ بهذه الوسيلة، وهي تدخل في باب المصالح المرسلة.
مثاله: في نفس المثال السابق: إذا فرضنا أن الدولة قامت بواجب جمع الأموال من الطرق المشروعة كالزكوات مثلاً ... ونحو ذلك، ثم طرأ طارئ أو طرأ عدو على بلاد المسلمين والنفقة ... على بيت مال المسلمين .... أن هذه الأموال التي كانت تجمع بالطرق المشروعة غير كافية لرد صائلة هذا العدو ففي هذه الحالة يجوز للحاكم المسلم أن يفرض ضرائب جديدة لدفع ذلك العدو عن بلاد المسلمين، فإذا عاد على أعقابه رفعت هذه الضرائب لأنها كانت عارضة لدفع ذاك العدو الصائل.
إذا عرفنا هذا التفصيل المتعلق بالمصالح المرسلة عرفنا حينذاك التمييز بين البدعة الضلالة وبين المصلحة التي يجوز الأخذ بها وهي بهذه الدقة المتناهية التي ... شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ...