من بعض الوسائل ولو أنها كانت في مرتبة الإباحة، إذا كان يُخشى أن تؤدي إلى ما هو داخل في باب الكراهة فإني ألمس أن هذا قد وقع في زمننا هذا حينما اتخذ بعضهم بعض الملاهي وسيلة زعموا- لتقريب الناس إلى الدعوة, فكلكم يعلم
أنه كان إلى عهد قريب بعض الصوفية يتخذون الأذان والعزف على بعض الآلات الموسيقية سببًا لجلب الضيوف إلى صوفيتهم وجرت ردود كثيرة بين أهل العلم وبين أهل التصوف في تحريم آلات الملاهي والطرب أو إباحتها، فأهل الفقه والعلم لا شك أنهم كانوا مع ما يقتضيه نص الكتاب والسنة من تحريم الملاهي، بينما اتخذت الصوفية مذهبًا آخر وذهبوا فيه إلى إباحة الملاهي حتى الضرب على الدف والطبل ونحو ذلك، هذا معروف عن الصوفية قديمًا ولسنا بحاجة إلى أن نذكّر بما هو معروف لديكم أنه منكر, وكان من فضل الدعوة السلفية في كل البلاد الإسلامية تقريبًا أن تنبه جماهير الناس لبطلان بعض المتصوفة في إباحة هذه الآلات، فنشأ جيل سلكوا مسلكًا وسطًا بين أولئك وهؤلاء فأوجدوا أناشيد سموها بأناشيد إسلامية، وأقاموها مقام الأناشيد الصوفية التي كان يقترن معها أحيانًا شيء من تلك الآلات المحرمة، ومضوا على ذلك بضع سنين وهم يلحنون أناشيدهم المسماة بالأناشيد الإسلامية على تلاحين الأغاني الصوفية وهم في الوقت نفسه على تلاحين الأغاني الوثنية التي يتغنى بها كثير من فساق المغنين المعلنين بغنائهم بل والمتخذين ذلك منهجا لهم، ثم لم يمض وقت طويل حتى انضم إلى هذه الأناشيد التي يسمونها بالأناشيد الإسلامية فأدخلوا إليها الضرب بالدف، وهكذا يتدرج الشيطان لبني الإنسان بنقله من ما هو مباح لِنَقُل الآن بالنسبة لكرة القدم ينقلهم خطوة إلى إدخال هذه الوسيلة كوسيلة لدعوة الناس إلى الإسلام، لكن الشيطان يضل متتبعًا خطى المستمعين له لأول دعوة له ثم إذا مضى زمن أدخل شيئًا جديدًا من كثير أو قليل من تأويلات، فأوصل هؤلاء إلى إدخال آلات الطرب في أناشيدهم وهم لا يزالون يدعون أن هذه الوسائل لجلب الشاردين عن الإسلام بل والخارجين