وهو من لوازم شهادة «أن محمداً رسول الله» ولذلك جعل الله تبارك وتعالى في الآية المتقدمة اتباعه - صلى الله عليه وآله وسلم - دون سواه- دليلاً على حب الله إياه، ومما لا شك فيه أن من أحبه الله كان الله معه في كل شيء كما في الحديث القدسي الصحيح:
«وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ... ».
رواه البخاري. وهو مخرج في «الصحيحة»(١٦٤٠).
وإذا كانت هذه العناية الإلهية إنما هي بعبده المحبوب من الله، كان واجباً على كل مسلم أن يتخذ السبب الذي يجعله محبوباً عند الله، ألا وهو اتباع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحده دون سواه، وبذلك فقط يحظى بالعناية الخاصة من مولاه تبارك وتعالى، ألست ترى أنه لا سبيل إلى معرفة الفرائض وتميزها من النوافل إلا باتباعه - صلى الله عليه وآله وسلم - وحده؟
إذا عرف هذا فإني أرى لزاماً علي انطلاقاً من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الدين النصيحة» أن أذكر من ابتلي من إخواننا المسلمين-من كانوا وحيثما كانوا- بالغناء الصوفي، أو بما يسمونه بـ (الأناشيد الدينية)؛ إسماعاً واستماعاً بما يلي:
أولاً: أن مما لا يرتاب فيه عالم من علماء المسلمين العارفين حقاً بفقه الكتاب والسنة؛ ومنهج السلف الصالح؛ الذين أمرنا بالتمسك بنهجهم، ونهينا عن مخالفة سبيلهم في مثل قوله تعالى:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}، أقول: لا يخفى على أحد من هؤلاء العلماء أن الغناء المذكور محدث لم يكن معروفاً في القرون المشهود لها بالخيرية.