للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (ص ٥٦٥):

«وقد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة، مع ضرب بالكف، أو ضرب بالقضيب، أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر، ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاصي».

ثم قال الشيخ (ص ٥٧٣ - ٥٧٦):

«ومن كان له خبرة بحائق الدين، وأحوال القلوب ومعارفها وأذواقها ومواجيدها، عرف أن سماع المكاء والتصدية، لا يجلب للقلوب منفعة، ولا مصلحة، إلا وفي ضمن ذلك من الضرر والمفسدة ما هو أعظم منه، فهو للروح كالخمر للجسد، يفعل في النفوس فعل حميا الكؤوس.

ولهذا يورث أصحابه سكراً أعظم من سكر الخمر، فيجدون لذة بلا تمييز، كما يجد شارب الخمر، بل يحصل لهم أكثر وأكبر مما يحصل لشارب الخمر، ويصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة، أعظم مما يصدهم الخمر، ويوقع بينهم العداوة والبغضاء أعظم من الخمر، حتى يقتل بعضهم بعضاً من غير مس بيد، بل بما يقترن بهم من الشياطين؛ فإنه يحصل لهم أحوال شيطانية بحيث تنزل عليهم الشياطين في تلك الحال، ويتكلمون على ألسنتهم كما يتكلم الجني على لسان المصروع: إما بكلام من جنس كلام الأعاجم، الذين لا يفقه كلامهم؛ كلسان الترك، أو الفرس، أو غيرهم، ويكون الإنسان الذي لبسه الشيطان غريباً لا يحسن أن يتكلم بذلك، بل يكون الكلام من جنس كلام من تكون تلك الشياطين من إخوانهم، وإما بكلام لا يعقل ولا يفهم له معنى، وهذا يعرفه أهل المكاشفة «شهوداً وعياناً».

وهؤلاء الذين يدخلون النار مع خروجهم عن الشريعة هم من هذا النمط،

<<  <  ج: ص:  >  >>