للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخر وهذا مهم جداً ألا وهو الاشتغال بالعمل السياسي قبل أن تتهيأ الجماعة أو الأمة له سيكون صارفاً لهم عن المضي في منهجهم للدعوة إلى الكتاب والسنة وتربية الأمة، ليس المقصود فقط الدعوة ليس المقصود فقط القول وإنما المقصود القول والعمل به لما نعلم من الترهيب والتحذير كتاباً وسنةً من القول دون العمل, والعلم دون التطبيق لهذا العلم, كما قال تعالى في الآية المعروفة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.

لذلك الاشتغال بالعمل السياسي قبل أن تصل الأمة أو الجماعة إلى مرحلة هذا العمل السياسي فستكون عاقبة أمره أن تنهار الدعوة وأن ترجع القهقرى، ورب أناس لا يقتنعون بهذه النظرية من الناحية العلمية وحسبهم أن يلقوا نظرة سريعة في بعض البلاد الإسلامية التي وقعت فيها بعض الأعمال السياسية فكان عاقبة أمرهم لم يكن ذلك رشداً ولم يكن توفيقاً بل كان عاقبة أمرهم القهقرى، والرجوع إلى الوراء في الدعوة، فقد كانوا ماضين في دعوتهم كما يأمر الشرع وإذا بهم بسبب النهوض المفاجئ بالعمل السياسي لتكون عاقبة أمرهم وعاقبة نهضتهم أن رجعوا القهقرى، ولذلك كان من بعض الحكم التي تذكر عن بعضهم قولهم: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه، وهذا أمر طبيعي جداً قبل أن يكون أمراً شرعياً وبذلك فنحن نتأسى دائماً وأبداً بقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فنبينا صلوات الله وسلامه عليه لو كان هناك قيام لعملٍ سياسي يستدعي محاربة الكفار ومحاربة المنافقين طفرةً واحدة لكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ومعه بعض أصحابه هو الذي ينهض بهذا العمل، ولكن تلك سنة الله تبارك وتعالى في

<<  <  ج: ص:  >  >>