هذه السورة المباركة القليلة في ألفاظها الكثيرة في معانيها ومغازيها لقد جمعت أسساً وقواعد جذرية ينبغي على كل مسلم أن يفقهها أولاً ثم أن يُطَبِّقها على نفسه في حياته كلها مهما تطورت وتغيرت.
أول ذلك: أن الله عز وجل أعطى حكماً عاماً لجنس الإنسان والبشر فقال فيهم: إنهم لفي خسر، ثم استثنى من هذه القاعدة الكلية أن البشر كلهم خاسرون إلا الذين آمنوا، والكلام في هذه الفقرة الأولى من الاستثناء طويل وطويل جداً؛ لأنه يقوم عليه الأركان المعروفة من الإيمان، آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره وبالبعث، ثم يدخل في هذا الإيمان كل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الإيمان بكل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سواء كان هذا الأمر الثابت عنه في آية قرآنية أو في حديث نبوي متواتر أو في حديث صحيح آحاد لا فرق بين هذا وهذا وهذا، يجب على المسلم أن يؤمن بكل ما ثبت عن الله ورسوله، هذا مجمل الإيمان ويدخل فيه ما تعلمون من الخلاف القديم بين أهل السنة وبين الفرق الضالة من المرجئة والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم، وإن كانوا يختلفون في نسبة انحرافهم ونسبة ضلالهم عن الإيمان العام الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومن الاختلاف الواقع في الإيمان بين بعض الفرق المذكورة آنفاً وبين أهل السنة هو هل الإيمان يدخل فيه العمل الصالح أم لا يدخل؟ مذاهب، ولسنا الآن في صدد الكلام التفصيلي على الخلاف حول هذا الإيمان وإنما فقط ألفت النظر إلى أن المرجئة ومنهم مع الأسف الحنفية اليوم يقولون: بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الإيمان لا يدخل فيه العمل الصالح، هكذا يقول المرجئة قديماً والحنفية حديثاً، ولا ينبغي أن يفهم أحد أنهم ينكرون