للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصبر، فإما الهجرة وصل بنا الكلام إلى قوله تبارك وتعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ٣].

قلنا أنه يجب على الضعفاء من المؤمنين الذين يضطهدهم الحاكم الفاسق أو الكافر فلا يدعه يتمتع بشعائر دينه، قلنا بشيء من البيان والتفصيل أنه يجب عليه أن يهاجر من ذلك البلد إلى بلد إسلامي يتمكن فيه من القيام بواجباته الدينية.

أما ماذا يفعل من لم يستطع الهجرة؟ فأنا أقول: إن كلمة لا يستطيع أو من يقول: لا أستطيع أن أفعل كذا في كثير من الأحيان توضع في غير محلها، فهو مثلاً قد لا يستطيع أن يسافر في الطائرة فيقول: لا أستطيع أن أسافر أي بالطائرة، لكننا نقول: يمكن أن يسافر بالسيارة، ثم قد يقول أيضاً: إنه لا يستطيع أن يسافر بالسيارة، وهكذا نتنزل معه في دفع كل احتمالات التي يتكئ عليها في تبرير قوله: إني لا أستطيع أن أهاجر من هذا البلد المظلوم هو فيه، نقول: آخر شيء فلا يستطيع أن يركب متور يجب أن يركب رجليه وأن يقطع المسافات الطويلة، أنا أقول: قد وقد، أي: قد يستطيع حينئذ لا يجوز لمن كان شاباً قوياً أن يتعلل بأنه لا يستطيع أن يسافر بالطائرة، بالسيارة، بالدابة وهو يستطيع مثلاً أن يسافر على رجليه؛ ل أنه شاب قوي، فإذا انسدت كل هذه الوسائل، وكل هذه الطرق أمام ذاك االمسلم المضطهد حينئذ ماذا نقول له: اصبر مافيه هناك علاج إلا أن يأمر نفسه بالصبر وأن يتذكر ما جاءحول ذلك من النصوص في الكتاب والسنة.

من ذلك مثلاً قوله تبارك وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>