للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام-، ولكن هذا الإسلام الذي جاء به القرآن وصرح فيه بقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥]، هذا الإسلام مع مضي العصور والدهور قد دخل فيه ما لم يكن فيه، الإسلام هو علاج معنوي لكل الأمراض التي تصيب القلوب والمجتمعات في كل زمان ومكان، فهي الوصفة الإلهية الطبية لمعالجة هذه الأمراض القلبية، ولكن وقع في هذه الوصفة الإلهية ما ذكرته آنفاً أنه دخل فيها ما ليس منها، كالوصفة الطبية المادية إذا وصفها للمريض طبيب حاذق فأدخل فيه أو فيها ما ليس منها فهي سوف لا تعطي ثمارها المفروض أن تثمرها هذه الوصفة بالنسبة للمريض الذي يطبقها؛ لأنه قد دخل فيه ما ليس منه، بل ما هو نقيضة تماماً، هذا مثال نقربه لإخواننا الذي يسمعون كلمتي هذه، وأنا في الأردن في عمان في أرض جرى فيها جهادات كثيرة وكثيرة جداً من العرب المسلمين الأولين حتى تمكن الإسلام من هذه الأرض، فنحن نعيش اليوم فيها نتمتع بخيراتها وبركاتها المعنوية أولاً ثم المادية ثانياً، هؤلاء المسلمون المجاهدون الذين تسلمنا منهم هذه الأراضي ونعيش كما قلت آنفاً في خيراتها، كانوا يداوون أمراض قلوبهم ومساوئ أخلاقهم بهذا الإسلام الصافي، أما اليوم فليس الإسلام كما كان يوم قال الله -عز وجل-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، هذا الإسلام اليوم له مفاهيم كثيرة وكثيرة جداً، ولست الآن في صدد شرح ذلك، لأن الوقت لا

يساعد، وإنما أنا مذكر والذكرى تنفع المؤمنين، فوصيتي لإخواننا في العالم الإسلامي كله، ولإخواننا البوسنويين بصورة خاصة، أن يكون أكبر همة، خاصة والعدو يحيط بهم من كل جانب أن يسعوا سعياً حثيثاً ليتفهموا هذا الإسلام الذي ارتضاه لنا ربنا ديناً، وذلك بأن يتصلوا بأهل الدعوة دعوة الحق التي ليست هي إلا التي

<<  <  ج: ص:  >  >>