وأصحابي»، هذه وصيتي الأولى للمسلمين كافة، ولإخواننا البوسنويين خاصة، ووصيتي الثانية ولعلها الأخيرة بالنسبة لضيق الوقت أن يجعلوا قتالهم لأعدائهم ليس قتال الأعداء بعضهم لبعض، وإنما قتال المسلمين لأعدائهم أي أن يجعلوا ذلك جهاداً في سبيل الله -عز وجل-، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشْعَرِي -رضي الله تعالى عنه- أنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أحدنا يقاتل شجاعة، فهل هو في سبيل الله؟ قال:«لا»، قال ثانٍ: أحدنا يقاتل عصبية هل هو في سبيل الله؟ قال ثالث شيئاً آخر هل هو في سبيل الله، في كل ذلك يجيب الرسول -عليه السلام- بقوله:«لا»، قالوا: فمن المجاهد في سبيل الله؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، صحيح أن إخواننا البوسنويين هوجموا من أعدائهم المشركين الصرب في عقر دارهم فوجب عليهم أن يدافعوا عن دارهم كما يجب عليهم أن يدافعوا عن مالهم وعن أنفسهم وعن أعراضهم، ولكن
يجب أن يكون دفاعهم دفاعهم هذا ليس كدفاع الكفار الذين يهاجمهم الكفار أي إن الكفار حينما يدافعون عن أرضهم عن أنفسهم عن أعراضهم عن أموالهم لا يبتغون بذلك وجه الله، أما المسلم فهو إن دافع عن ماله عن عرضه عن أرضه فإنما يدافع لتكون كلمة الله هي العليا ليعيش في بلده سليماً قوياً ليقيم حكم الله -عز وجل- في الأرض، وليس للدفاع عن أرض، لأن الدفاع عن أرض أمر طبيعي غريزي في النفوس كلها، كطلب الحياة والخوف أو الهرب من القتل، ومن هنا أنا أذكر بهذه المناسبة بحديث شائع بين الناس ولا أصل له، لكنه محسوب على السنة، ذاك الحديث هو الذي يقول:«حب الوطن من الإيمان»، حب الوطن ليس له علاقة أبداً، إنما حب الوطن إذا أحبه المسلم؛ لأنه يتمكن فيه من شعائر دينه فمن أجل ذلك يحبه، أما إذا لم يتمكن