للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا محمد أم عارية مؤداة؟ قال: لا، بل عارية مؤداة. فانظر الفرق بين مثل هاتين الحادثتين وغيرهما مما يستدلون بذلك، فالفرق كبير وكبير جداً، كل الحوادث وقد استحضرت لكم بعضها تدل دلالة صريحة على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما استعان كان في موقف القوة والقدرة والتغلب على من استعان بهم لو أرادوا به عليه السلام مكراً كان هو الأقوى، فهو كان مع صاحبه أبي بكر لو أراد مثلاً ذلك الدليل المرشد على الطريق بين مكة والمدينة لو أراد بهما غدراً لاستطاع أن يتغلب عليه، صفوان بن أمية أيضاً شعر بضعفه ولذلك قال له: تغصبها مني غصب أم هي عارية مؤداة؟ قال له عليه السلام وهو كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]: بل عارية مؤداة.

كذلك لما حالف مثلاً في بعض الحوادث طائفة من اليهود حالفهم وهو القوي بدليل أنهم لما أرادوا الغدر به قاتلهم وانتصر عليهم كما هو معروف في السيرة النبوية، فأين هذه الجزئيات من هذه المصيبة الكبرى التي ألمت بنا في هذا العصر حيث أن الدول الإسلامية كلها بما فيها العراق نفسها التي يخشاها الدول الإسلامية كلها لو اجتمعت قاطبة لم تستطيع -إلا أن يعودوا إلى الإسلام-، لن تستطيع أن يخرجوا الأمريكان والبريطانيين من البلاد الإسلامية، كيف يقاس هذا الواقع الأليم بتلك الجزئيات، مع منافاة هذا الواقع لقاعدة ينبغي أن لا ننساها: «إنا لا نستعين بمشرك» هذه هي القاعدة، فإذا اختلفت حادثة عن القاعدة يجب ضربها بهذه القاعدة ولا يجوز العكس وهو ضرب القاعدة بهذا الواقع لنحاول أن نسلكها وأن نسوغها بجزئيات ليست منافية لأصل الاستعانة

<<  <  ج: ص:  >  >>