للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فمعنى كون الشيء قاعدة أنه يجب التزامها دائماً وأبداً إلا لأمر عارض لا ينافي القاعدة من أصلها، وإنما يمكن أن يجرى عليها تخصيص ما.

والذين يصرحون بجواز الاستنصار بالأمريكيين والبريطانيين وغيرهم يرون أن هذا الاستنصار له أصل في بعض الحوادث الجزئية التي ثبتت في السنة المحمدية، فتكون هذه الجزئيات مستثناة من القاعدة، ونحن نقول جواباً عن هذه الدعوة:

أولاً: قاعدة أصولية أنه إذا اختلف القول مع الفعل، أي: قول الرسول عليه السلام مع فعله فإذا لم يمكن التوفيق بين قوله وفعله كان قوله هو المقدم على فعله، وإذا أمكن التوفيق فذلك خير وأبقى، تلك الجزئيات التي يستند إليها من جوزوا هذا الاستنصار البشع إنما هي جزئيات لا تذكر بالنسبة لهذه المصيبة التي حلت في البلاد السعودية بخاصة، والبلاد الإسلامية بعامة، ويكفي أن يقابل وأن يقايس كل مسلم حتى ولو كان غير عالم بين ما وقع من الرسول عليه السلام من الجزئيات وبين هذا الذي ألم من المصيبة الكبرى بالمسلمين اليوم.

انظروا مثلاً: من حججهم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - استعان بدليل من المشركين حينما عزم على الهجرة من مكة إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، استعان بذلك المشرك ليدلهما على الطريق، هذه صورة، الصورة الثانية التي يستدل بها البعض أيضاً: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - استعار من صفوان بن أمية أدرعاً كانت له، ولما استعارها منه أو أراد أن يستعيرها منه ظن، وهذا من موقف ضعفه هو تجاه موقف النبي القوي، ظن أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سيأخذها رغم أنفه، ولذلك قال له: أغصباً

<<  <  ج: ص:  >  >>