للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المشايخ الأفاضل في تلك البلاد استعانة السعوديين بهؤلاء الكفار الصليبيين، ذلك لأن معنى كلامهم يعود إلى ما يقوله بعض الفقهاء في أصولهم وإن كانوا هم لم يشيروا إلى ذلك، لكن صنيعهم ينبهنا إلى أنهم يدندون حول ما ذكره علماء الأصول من قولهم بأن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شراً، فهم يظنون أن لجوءهم إلى الاستعانة بالصليبيين أقل شراً ولا نقول: خيراً، من اعتداء العراقيين على السعوديين، ونحن نرى أن وجهة نظرهم هذه مردودة نصاً وفقهاً؛ لأن الاعتداء العراقي على السعودية لم يقع كما وقع على الكويت، ولذلك فلا يصح تطبيق القاعدة هذه التي تقول: إن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أيسرهما، فلم يقع الشر الأكبر في ظن المشايخ وهو اعتداء العراقيين على السعوديين، حتى يختاروا الشر الأصغر في ظنهم وهو استنصارهم بالكفار.

أما من حيث النص فالأمر واضح جداً، حيث أنه قد صح في غير ما حديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «إنا لا نستعين بمشرك» وسبب الحديث معروف في صحيح مسلم وغيره، وفي رواية أخرجها الحاكم في المستدرك أن قوماً من المشركين جاؤوا يريدون أن يقاتلوا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المشركين، فقال لهم: أأسلمتم؟ قالوا: لا، فقال عليه الصلاة والسلام: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين.

فهذه قاعدة فقهية وضعها من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وليست كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون موضع أخذ ورد، فهناك قواعد يضعها الأحناف يخالفها الشافعية والعكس بالعكس، أما هذه القاعدة فقد وضعها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بنصه الصحيح الصريح: «إنا لا نستعين بمشرك» وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>