للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدركتم ذلك -أو كما قال عليه الصلاة والسلام- قال: فكونوا أحلاس بيوتكم» أي: الزموا بيوتكم ولا تتدخلوا في مثل هذه الفتن لأنكم لا تستطيعون أن تصلحوا؛ لأن الدول التي هي أقوى منكم كما ذكرنا لن تستطيع أن تصلح ولا أنتم يا معشر الأفراد من الشعوب أو الجماعات أو الأحزاب لن تستطيعوا أن تقاتلوا والدول كلها لن تستطيع أن تقاتل، إذاً: صدق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حين قال: «كونوا أحلاس بيتكم».

هذا ختام ما أردت أن أقوله بهذه المناسبة، ولكني أيضاً أريد أن ألفت النظر إلى بعض الظواهر التي نلمسها الآن مما يذكرنا ببعض الفقرات التي جاءت في بعض تلك الأحاديث، منها قوله عليه الصلاة والسلام إن الناس في زمن الفتن لهم عقول لكنها كالهباء يحسبون أو يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء، وإذا كانت هذه الفتنة بهذه المثابة في الضخامة والخطورة ولم يلتزم المسلم بيته وداره فمتى يلتزم داره، نحن نعلم أنه وقع في التاريخ الأول خلاف بين المسلمين لم يتدخل الكافر الصليبي الذي أمر المسلمون بمقاتلته وبأن يدعو إلى واحدة من ثلاث: إما الإسلام وإما الجزية وإما أن يدفعوا، وإما القتل، أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون وإما الحرب، لم يتدخل في ذلك الخلاف الذي وقع في الإسلام الأول أعني: ما بين علي ومعاوية رضي الله عنهما لم يتدخل الكافر بين الفريقين، بل كان يحسب حسابهما، ويخشى سطوتهما، ومع ذلك فقد انحاز كثير من الصحابة عن الطائفتين، ولم ينضموا إلى إحداهما، لماذا؟ لأنه كانت ستراق، وفعلاً أريقت دماء كثير من المسلمين من بين الطائفتين

<<  <  ج: ص:  >  >>