المتقاتلتين، فكان بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اعتزلوهما؛ لأنها فتنة المسلم يقاتل أخاه المسلم في أمر فيه شبهة، فيه دقة، هذا خليفة المسلمين وهو علي بن أبي طالب لم يبايعه معاوية وهو في دمشق الشام، لكنه يحتج بأنه يطالب بقتل الذين قتلوا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إذاً: لكل من المتقاتلين وجهة نظر، وإن كنا نحن اليوم بعد أن تمكنا من دراسة التاريخ الإسلامي وهذا الخلاف الذي وقع قديماً، الآن نستطيع أن نقول بكل صراحة وبكل جرأة: إن علياً كان الحق معه، وأن معاوية كان باغياً مع أنه مسلم، ومع أنه صحابي، لكن كيف عرفنا هذا؟ وهل يمكن الآن نعرف هذا الخلاف الناجم بين الدول العربية وهو أدق بكثير من ذاك الخلاف الذي تبين الحق لنا بعد دراستنا لأسباب الخلاف، وعرفنا أن أحد الصحابة الذين انمازوا وانحازوا عن كل من الطائفتين انضم أخيراً إلى جيش علي حينما رأى نبوءة من نبوءات الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«ويح عمار تقتله الفئة الباغية»، فلما قتل عمار رضي الله عنه وكان في جيش علي حينئذٍ انضم بعض الصحابة من الذين سمعوا هذا الحديث من فم الرسول عليه السلام كان من قبل لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء لما ذكرت آنفاً من أنه فيه هناك شبهة، فهو لا يريد أن يقاتل مسلمين من أجل أن هذا المسلم يرى أن أولئك على خطأ، لكن لما تبين من المعصوم شهادة لا يأتيه الباطل من بين يديها ولا من خلفها:«ويح عمار تقتله الفئة الباغية» انضم إلى علي، هل نحن معشر أفراد المسلمين اليوم نستطيع أن نقول: إننا يجب أن نكون مع هؤلاء أو مع هؤلاء، مع هؤلاء على هؤلاء أو مع هؤلاء على أولئك،