للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف: ٤٢] قلت: فهذا القول منه مع سباق القصة صريح جداً في أن شركه إنما كان هو شكه في الآخرة، وهذا كفر وليس بشرك في رأي الطحاوي فهو باطل ظاهر البطلان.

وإن مما يؤكد ذلك من السنة قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب»، رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس، وهو مخرج في الصحيحة برقم كذا، فإن المراد بهم اليهود والنصارى، كما دلت على ذلك أحاديث أخر، منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أترك فيها إلا مسلماً» رواه مسلم وغيره وهو مخرج هناك في الصحيحة، ولما كان حديث ابن عباس الذي هو رواه الشيخان حجة قاطعة في الموضوع غمز من صحته الطحاوي تعصباً لمذهبه مع الأسف، وزعم أنه وهم من ابن عيينة، قال: لأنه كان يحدث من حفظه، فيحتمل أن يكون جعل مكان اليهود والنصارى المشركين، ولم يكن معه من الفقه ما يميز به بين ذلك، سفيان بن عيينة من كبار شيوخ الإمام أحمد وثقات الحفاظ، أولاً ينسبه إلى الوهم، وبحجة يحتمل، ولم يكن عنده من الفقه والفهم يميز بين المشركين وبين اليهود والنصارى، كذا قال سامحه الله، فإنه يعلم أن تحديث الحافظ الثقة كابن عيينة من حفظه ليس بعلة، بل هو فخر له، وأن تخطئة الثقة بمجرد الاحتمال ليس من شأن العلماء المنصفين، ولكنها العصبية المذهبية، نسأل الله السلامة، وعلى مذهب الطحاوي هذا يمكن -انتبه يا أبا فارس ومن حولك- أن يغفر الله الكفر لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، وبهذه الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>