للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] معنى هذا: أن العمل لا بد أن يشترط فيه شرطان اثنان:

الشرط الأول: أن يكون على السنة، وهذا انتهينا من البحث ولو بشيء من الإطناب.

والشرط الثاني: أن يكون خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى، وهذا بحث طويل وطويل جداً، وأرى أنني أخذت شيئاً من الوقت طويلاً فأقتصر الآن على مثل واحد مما ابتلي به العالم الإسلامي، وهذا المثل الواحد يشمل أنه انحرف أصحابه فيه عن العمل الصالح بشرطيه أي: أن يكون على وجه السنة وأن يكون خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى، ما هو هذا المثال؟ تجدون الآن في كثير من البلاد ومنها بلدنا هذا قد انتشرت فيه المساجد والحمد لله كثرةً نباهي بها كثيراً من البلاد الأخرى وليس كمباهاة البانين لها، لكن هذه الكثرة من هذه المساجد التي تبنى هل توفر فيها شرطا العمل الصالح: أن يكون على السنة وأن يكون خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى؟ أقول آسفاً: أكثر هذه المساجد لم يتوفر فيها لا الشرط الأول ولا الشرط الآخر:

أما الشرط الأول: فأن يكون بناؤه على السنة، هذه السنة التي جمعها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حينما قال للبناء الذي كلف ببناء الزيادة التي أضافها عمر إلى المسجد النبوي قال له: أكن الناس من الحر والقر ولا تحمر ولا تصفر، فهو أشار إلى أمر إيجابي وإلى أمر آخر سلبي، أما الأمر الايجابي الذي من أجله بنيت المساجد فذلك قوله: أكن الناس من الحر والقر، فبناء المساجد لا يقصد بها إلا تحقيق الراحة النفسية للذين يدخلون هذه المساجد يصلون فيها لله تبارك وتعالى تحفظهم هذه المساجد من الحر والقر،

<<  <  ج: ص:  >  >>