للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المقصود من بناء المساجد، ليس المقصود زخرفتها هذه الزخرفة التي أشار إليها عمر الفاروق بكلمته السابقة: ولا تحمر ولا تصفر، من أين أخذ عمر هذا؟ هناك أحاديث تعرفونها من مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «ما أمرت بتشييد المساجد» .. «ما أمرت بتشييد المساجد» التشييد هنا فسر بمعنيين اثنين:

المعنى الأول: هو المبالغة في رفع بنيانها كالقصور، هذا إضاعة للمال ولا يحقق المقصود من ما صرح به عمر: أكن الناس من الحر والقر، وهذا الحديث لما رواه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله قال: «ما أمرت بتشييد المساجد» قال: إما اقتباس منه واجتهادً صحيحاً منه، وإما تلقياً منه عن - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذا النص أو بقريب من هذا النص، حيث قال بعد أن روى عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما أمرت بتشييد المساجد، قال: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى» وهذه نبوءة قد تحققت من زمن بعيد وبعيد جداً لكنها مع الأسف الشديد في هذا الزمن الذي تفنن فيه الكفار بزخرفة دنياهم وقلدهم كثير من المسلمين فقد تفننوا تفنناً لا حدود له في زخرفة المساجد، كما أنتم تشاهدون ولست بحاجة إلى ضرب الأمثلة، ولكن ما بالكم أن المسجد النبوي الذي قال فيه - صلى الله عليه وآله وسلم - حديث ابن عباس هذا: «ما أمرت بتشييد المساجد» هو الآن يشيد كيف؟ تقليداً لليهود والنصارى كما قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.

لقد جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن أم سلمه وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما وهما من أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما تعلمون لما رجعتا من الحبشة ذكرتا كنيسةً رأتاها في الحبشة وذكرتا، هنا الشاهد: من حسنٍ وتصاوير فيها، فقال عليه الصلاة والسلام، تأملوا يا إخواننا! كيف أن هذه الأخبار اليوم تطبق من المسلمين تقليداً منهم للكافرين، كما لو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>