الشيخ: لا شك أن الله عز وجل كما جعل في هذا الكون سنناً ونظاماً كذلك جعل لشريعته سنة ونظاماً، فهو يؤاخذ عباده المؤمنين بما لا يؤاخذ به الكافرين، ويكلف المؤمنين بما لا يكلف به الكافرين، لأنه كما يقول العلماء: ليس بعد الكفر ذنب، نحن إذا تركنا الآن الجواب عن هذا السؤال مؤقتاً جانباً، ونظرنا إلى دولتين كافرتين، لا نشك مطلقاً في كون أن الدولة التي هي أكثر عدة وأقوى عدداً ستنتصر على الدولة الكافرة الأخرى إذا كانت دونها في العدد وفي العدد، لا نشك في هذا إطلاقاً، لماذا؟ لأنه ليس هناك عامل للانتصار سوى لأمرين اثنين الذين ذكرناهما آنفاً.
ليس الأمر بهذا المقياس وبهذا النظام في انتصار المسلمين على الكافرين، ربنا عز وجل لا يشترط أن يكون الجيش المسلم أكثر عدداً فضلاً عن أنه لا يشترط أن يكون أكثر سلاحاً وقوة مادية من الجيش الكافر، والتاريخ يؤكد لنا هذا، أن الله لا يشترط، فضلاً عن الشرع بنصه، ففي القرآن الكريم الآية التي تقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: ٦٥ - ٦٦] فإذاً: المسلم شرعاً يجب أن يصبر الشخص الواحد مقابل شخصين، فإن فر المسلم من شخصين من أعدائه يكون موالياً، ويكون قد ارتكب من أكبر الكبائر، الفرار يوم الزحف، لكن إذا