قال له أبو بكر: وأنا كذلك، هيا بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، راح لسه الرجل آخذه الحال، نافق حنظلة، نافق حنظلة، لما وصل عند الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قال له: ما لك يا حنظلة؟ ذكر له ما ذكر لأبي بكر، فقال عليه الصلاة والسلام:«يا حنظلة! لو أنكم تدومون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة».
كأن الرسول عليه السلام يقول: أنه ليس من طبيعة الإنسان الذي خلقه الله بشراً أن يظل في غيبوبة عن حياته، عن نسائه، عن زوجاته، عن أولاده، إذا كان حاضراً في درس أخذ هذا الدرس جميع لبه وقلبه، ليس من المعقول أن يظل كذلك، وإلا لفسدت الدنيا، وهكذا تجد الصوفية الحقيقيين الذين لا يستغلون ما يدعونه من التصوف في سبيل الوصول إلى حطام الدنيا كانوا يخربون دنياهم؛ لأنهم حقيقة غائبين عن أنفسهم بسبب هذه الحال الغريبة التي كانت تتسلط عليهم، أما صوفية آخر الزمان هؤلاء في الحقيقة لو جاز لنا أن نقول ليتهم كانوا كصوفية ذاك الزمان؛ لأن أولئك حقيقة يجاهدون أنفسهم ولكن يبالغون في هذا الجهاد النفسي ويقعون في مخالفة الشرع، فيضلون عن سواء السبيل مع قصدهم جهاد النفس، أما صوفية آخر الزمان فهم يتسترون بالتصوف وقلوبهم أطغى من قلوب الجبابرة، وهذا ما كان بعضهم يعبر عن باللغة الشامية العامية، يقول: