للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محاربة كل بدعة حدثت من بعدهم ألا وهو قولهم:

وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف

لذلك أنا أقول إن الذي يُنكر هذه اللفظة من الناحية الشرعية وينكرها أيضاً من الناحية النسبية، فلا يجوز للمسلم أن يقول أنا سلفي كأنه يقول لا يجوز أن يقول المسلم أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة ومن عبادة ومن سلوك، ولا شك أن مثل هذا الإنكار لو أنه كان يعي ما يقول لكن نجد له عذراً في أنه لا يعي ما يقول، لو كان يعي ما يقول فمعنى ذلك أنه التبرؤ عن الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وأُذكر على ضوء هذا الحديث الذي قلناه آنفاً وهو في صحيح مسلم من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - للسيدة فاطمة: ونعم السلف أنا لكِ.

أنا أُذَكِّر هؤلاء الذين ينكرون هذه النسبة بأن التبرؤ من السلف معناه التبرؤ ممن جاء بدعوة السلف، معناه التبرؤ من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأنه هو على رأس السلف الصالح، ومما يشير إلى هذه الحقيقة الحديث المعروف في الصحيحين وفي غيرهما بل أعتقد ببحثي الخاص أنه حديث متواتر صحة ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم .. » ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو على رأس هذا القرن، وقد جاءت أيضاً إشارة إلى أنه كذلك حيث بعث في أول القرن الأول، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على رأس السلف الصالح فكيف يُعقل لمن يدري ما يتكلم وما يقول أن الانتساب إلى السلف، وأن هذه اللفظة لفظة السلف هذه بدعة في الإسلام .. ! أنا أعتقد أن هؤلاء هم في غفلة ساهون لغة وشرعاً، فإن السلف الصالح لا يمكن لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إليهم، بينما لو تبرأ من أي نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن يُنسب إلى كفر فيما إذا تبرأ من غير السلف، أما إذا تبرأ أن ينتسب إلى السلف فلا شك أنه يكون غير مسلم؛ لأنه تبرأ من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي هو على رأس السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>