للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولهما: نقليٌ، والآخر: عقليٌ واقعي.

أما الأمر النقلي: فهو حين قال تعالى في القرآن الكريم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] فالعلم بالشيء ليس له علاقة بالتقليد؛ لأنه يستلزم القطع بالمعلوم والجزم به وبخاصة ما كان متعلقاً بالعقيدة وبصورة أخص ما كان منها متعلقاً بأُس العقيدة وأصلها ألا وهو التوحيد - لا إله إلا الله - فالعلم إذاً لا يعني إلا المعرفة الجازمة بما جاء عن الله ورسوله؛ لأن ما سوى ذلك لا يكون علماً، يكون ظناً، والظن قد يخطئ وقد يصيب.

يأتي بعد ذلك كإتمام لدلالة الآية السابقة قوله عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث إذا ما تأملتم معنا فيه فستجدونه يدل على الواقع الذي هو شاهد لما قلت آنفاً، ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» من أجل ذلك أمر الله تبارك وتعالى المسلمين كافة أنهم إذا اختلفوا في شيء أن يرجعوا فيه إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأن الكتاب والسنة هما الحكم الفصل للقضاء على الخلاف الذي قد يقع بين اثنين فكيف بكم إذا كان واقعاً بين جماهير المسلمين.

الحل قد جاء ذكره في الكتاب الكريم في مثل قوله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

فهل نحن بصفتنا أمة إسلامية محمدية إذا اختلفنا في شيء ما رجعنا وتحاكمنا إلى كتاب ربنا وسنة نبينا، أم قنع كلٌ منا بما عرف من الدراسة التي درسها إن كان دارساً لها في فقه من فقه المذاهب الأربعة، الواقع اليوم .. وأعود لأقول: لا أعني

<<  <  ج: ص:  >  >>