العامة أعني الخاصة أنهم أعرضوا عن تحكيم هذه الآية بالكلية:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩] لهذا ظل المسلمون مختلفين.
والاختلاف بنص القرآن الكريم، وأيضاً يشهد عليه الواقع هو سبب من أسباب الضعف، وسبب من أسباب التفرق، فإذا أردنا أن نقضي على هذا السبب الذي أدى إلى التفرق وجب علينا أن نعود إلى الكتاب والسنة، بذلك بشرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما قال:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض».
وإذا كان خاصة المسلمين وفقهائهم قنع كل منهم بأن يتعلم الدين على نمط مذهبي محدود فماذا يكون حال الأفراد من عامة المسلمين؟ ! لا شك أنهم سيكون حالهم كحال فقهائهم من الجمود على التقليد المذهبي.
هنا شبهة كثيراً ما تساور بعض النفوس وتظهر في كثير من الأحيان على بعض الألسنة، هذه الشبهة تقول: أليس كل من الأئمة الأربعة قد أخذ مذهبه من الكتاب والسنة؟ نقول: معهم نعم، بل نحن أعلم منهم؛ لأنهم حينما أصلوا أصولهم وفرعوا فروعهم إنما كان ذلك اعتماداً منهم على الكتاب والسنة، ولكن هؤلاء العلماء كلهم يشهد بأن العلم المنصوص في الكتاب والسنة، أو بعبارة أدق: العلم الوارد في الكتاب والسنة بعضه صريح وبعضه يتطلب استنباطاً وفقهاً خاصاً، كما جاء في صحيح البخاري أن أبا جحيفة السوائي من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «سأل علياً رضي الله عنه قال: هل خَصَّكم معشر أهل البيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بشيء من العلم؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا» وأخرج من بيت السيف ورقة مكتوب فيها بعض الأحاديث المتعلقة بالجراحات والقصاص ثم